مدى التزام محكمة الموضوع باثبات الوقائع المطالب بها
اشترط المشرع لكى يثبت المدعى دعواه أو المدعى عليه واقعة معينة ،
تتعلق بالدعوى ومنتجة فيها ، عدة شروط ، عدم توافرها يؤدى الى رفض المحكمة قبول
بحثها واثباتها ، فما هي هذه الشروط المطلوبة في الواقعة محل الاثبات بالدعوى
المنظورة أمام المحكمة
تنص المادة ۲ من قانون الاثبات المدني على أنه
يجب أن
تكون الوقائع المراد إثباتها متعلقة بالدعوى ومنتجة فيها وجانزا قبولها .
الشرح والتعليق
الوقائع القانونية نوعان :
الأول : أعمال
قانونية وهي مجرد اتجاه الإرادة نحو إحداث أثر قانوني معين ، وهو إما أن يصدر
من جانبين كالبيع والإيجار وغيرهما من العقود ، وأما أن يصدر من جانب واحد
كالإقرار والوصية
والثاني : أفعال
مادية وهي أمر محسوس يرتب عليه القانون أثرا سواء أكان حدوث ذلك الأمر
إراديا أو غير إرادي كالفعل الضار والفعل النافع والقرابة والجوار .
شروط الواقعة محل الاثبات
يشترط في
الواقعة القانونية المطلوب إثباتها :
1- أن تكون محددة
وهذا الشرط بديهي لأن الواقعة غير المحددة تبقى مجهلة ويستحيل إثباتها
ويجب أن يكون تحدي الواقعة كافيا حتى يمكن التحقق من أن الدليل الذي سيقدم يتعلق
بها لا بغيرها ، فإذا كان محل الإثبات عقدا وجب بیان نوعه و تعیین محله ، كأن يذكر
مثلا انه عقد بيع عقار معين بأوصافه وحدوده وأن يعين تاريخه، وإن كان وفاء بدين
وجب بیان زمانه ومكانه والدين الموفی به ومقداره ، وإن كان تعويضا عن اعتداء وجب
بيان نوع الاعتداء كضرب مثلا ، وتعيين الضارب والمضروب وزمان ومكان الضرب ، أما الادعاء
بعقد أو بوفاء أو بفعل ضار دون بيان خصائصه التي يتعين بها فلا يكون قابلا للإثبات
. ويدخل في تقدير سلطة قاضي الموضوع تقدير ما إذا كانت الواقعة المطلوب إثباتها
معينة تعيينا كافيا ليسمح بإثباتها أم ليست كذلك دون أن يخضع في ذلك الرقابة محكمة
النقض .
ويجب تعيين الواقعة المراد إثباتها عندما تكون الدعوى جاهزة للفصل
فيها، فإذا لم تعين في صحيفة الدعوى جاز تعيينها في مذكرة يقدمها الخصم أو
بإثباتها في محضر الجلسة في طلب الإحالة إلى التحقيق أو في طلب ندب خبير.
والواقعة المطلوب إثباتها إما أم تكون إيجابية أي امرا وجوديا كالبيع والإيجار
والاعتداء ، وإما أن تكون سلبية أي نفيا لأمر وجودي كنفي التقصير في الالتزام
بعلاج مريض ، أو نفي مخالفة الالتزام بعدم البناء على مساحة محددة فالواقعة الإيجابية
المحددة يجري إثباتها من طريق مباشر فيثبت المشتري واقعة البيع ويثبت المدين واقعة
الوفاء ويثبت من وقع عليه الاعتداء حدوثه . أما الواقعة السلبية فإن إثباتها يتم
عن طريق إثبات أمر مناف لها فإذا أراد الطبيب أن يثبت أنه لم يهمل في علاج المريض
كان عليه أن يثبت أنه قام بكل ما يفرضه عليه واجب العلاج وأنه اتخذ في ذلك كل
الإحتياطات اللازمة وإذا أراد الملتزم بعدم البناء إثبات ذلك أمكنه أن ينفي البناء
. ثانيا : أن تكون الواقعة المطلوب إثباتها من الممكن تصور وقوعها عقلا ولو في
حالات نادرة فإذا طلب شخص ثبوت نسبة لأخر ثبت أنه أصغر منه سنا كانت الواقعة
مستحيلة ، وبالتالي لا يجوز التصريح بإثباتها ، وكما إذا أتهم شخص أخر بالاعتداء
عليه في وقت معين وثبت أنه كان قد فارق الحياة قبل
ومن
المقرر أن قضاء المحكمة بإمكان تصور الواقعة المدعاة أو استحالتها مسألة موضوعية
لا يخضع القاضي في شانها لرقابة محكمة النقض بشرط أن يؤسس حكمه على أمور سائغة ،
ومن ناحية أخرى فلا يكفي أن تكون الواقعة جائزة الإثبات فحسب ، بل يتعين أن تكون
جائزة الإثبات بالدليل الذي يطلب الخصم التصريح له بإثباتها به فإذا أقام الدائن
على مدينة دعوى يطالبه بدین قرض تزيد قيمته على مائة جنيه ثابت بالكتابة فلا يجوز
للمدين أن يطلب تمكينه من إثبات الوفاء بشهادة الشهود لأن واقعة الوفاء في هذه
الحالة لا يجوز إثباتها بشهادة الشهود .
۲ -وأن تكون متنازعا فيها
أنها إذا كانت ثابتة بطبيعتها كساعة شروق الشمس او معترفا بها من
الخصم فلا محل لإضاعة وقت المحكمة في تحقيقها إلا أنه يتعين أن يكون هذا الاعتراف
قاطعا وصريحا وشاملا و غير مخالف للنظام العام .
3- أن تكون الواقعة متصلة بالحق المطالب به
والمقصود بذلك أن يكون الأمر المراد إثباته غير متطوع الصلة بموضوع
الدعوى . وإذا طالب الدائن مدينه بدين معين فإنه إن جاز للمدين أن يطلب إثباته
وفانه بالدين ، غير أنه لا يجوز له أن يطلب إثبات انه بدوره يداين دائنه بمبلغ أخر
، غير أنه يجوز له ذلك في حالة ما إذا طلب الحكم له بدينه وإجراء المقاصة القضائية
بين الدينين . وكل واقعة منتجة في الدعوى تكون متعلقة بها وإنما ليست كل واقعة
متعلقة بها تكون منتجة فيها . ولا محل لإثبات الواقعة إذا كان القانون قد أعفى
الخصم من إثباتها أو افتراضها کافتراض أن الحائز هو المالك حتى يقيم المدعي عليه
الدليل على عكس ذلك أو افتراض أن الحيازة المادية قرينة على الحيازة القانونية ما
لم يثبت خصم الحائز عكس ذلك ( المادتين 963، 964 مدني ) وافتراض أن الحيازة تبقى
محتفظة بالصفة التي بدأت بها وقت كسبها ما لم يقم الدليل على عكس ذلك (م ۱۹۹۷ مدني
) وافتراض الخطأ كأساس المسئولية في بعض الأحوال .
4- أن تكون الواقعة جائزة الإثبات قانونا
ذلك أن
القانون قد لا يجبر إثبات واقعة تحقيقا لأغراض مختلفة ، ومن هذه الأغراض ما يمت
إلى النظام العام والآداب كالمحافظة على سر المهنة وتحريم دين المقامرة والربا
الفاحش وبيع المخدرات و عدم جواز إثبات صحة القذف. وكون الواقعة متعلقة بالحق
ومنتجة في الإثبات من المسائل الموضوعية التي لا تخضع لرقابة محكمة النقض ، أما
كون الواقعة جائزة الإثبات قانونا فهذه مسالة قانونية تخضع لرقابة محكمة النقض
( الوسيط للسنهوري الجزء
الثاني ، الطبعة الثانية ، المجلد الأول ، ص ۷۹ وما بعدها ، وأصول الإثبات الدكتور
سليمان مرقس الطبعة الخامسة ، الجزء الأول ۷۱)
وافتقار الدعوى إلى الدليل لا يمنع من
الحكم فيها ، فإذا عجز المدعي عن إثبات ما يدعيه حكم برفض هذا الذي يدعيه وإذا
أثبته وعجز المدعي عليه عن دحضه قضي به عليه
( مرافعات العشماوي ، الجزء الثاني ص 4۸۷)
من
المقرر أنه يجوز تقديم الإثبات بجميع أنواعه من كل من الخصمين في أية حالة تكون
عليها الدعوى وأمام أي درجة من درجات التقاضي إلى حين إقفال باب المرافعة فيها بل
يجوز للمحكمة فتح باب المرافعة من جديد لإجراء الإثبات الذي طلبة الخصم متى كانت
العدالة تستوجب ذلك .
( المرجع السابق بند رقم ۹۲۰)
أحكام النقض
إن القانون إنما يكلف المدعي إقامة الدليل على
دعواه إلا إذا سلم له خصمه بها أو ببعضها فإنه يعفيه من إقامة الدليل على ما اعترف
به ، فإذا اعترف شخص بأن الأرض موضوع النزاع أصلها من أملاك الحكومة الخاصية ولكنه
تملكها بالتقادم ، ثم بحثت المحكمة مع ذلك مستندات ملكية الحكومة لهذه الأرض وقضت
بعدم كفايتها لإثبات الملكية، فقد خالفت القانون باقتضاءها دليلا على أمر معترف به
( نقض ۱۹۳۳/۱۱/۲۳ مجموعة أحكام النقض في ۲۰ سنة ، الجزء الأول ص ۳۰،
قاعدة رقم 40 ).
ثبوت حيازة المال المودع وفقا للمادة 608 من
القانون المدني القديم يستفاد منه وجود السبب الصحيح وحسن النية إلا إذا ثبت ما
يخالف ذلك وإذن فمتى كانت المطعون عليها قد تمسكت بقرينة الحيازة الدالة على ملكية
القاصرين للمال المودع في حسابها بأحد البنوك فإنها لا تكون - مكلفة بإثبات هذه
القرينة.
( نقض ۳/۱۱/۲۹ ه ، مجموعة
القواعد القانونية في ۲۰ سنة ، الجزء الأول ص ۳۰ قاعدة رقم ۳۱)
تقدير ما إذا كانت الوقائع المطلوب إثباتها بالبينة منتجة في الدعوى أم لا. من سلطة محكمة الموضوع
( نقض ۱۹۸۱/۹/۱۰ الطعن رقم ۳۳۱ لسنة 48 قضائية )
طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق. شرطه. أن تكون
الوقائع المراد إثباتها متعلقة بالدعوى ومنتجة فيها. تقدير ذلك . استقلال قاضي
الموضوع به . حسبه إقامة قضائه على أسباب مؤدية الى النتيجة التي انتهى إليها.
(نقض ۱۹۸۲/۳/4 الطعن رقم ۱۹۷ لسنة 47 قضائية )
إجراء
التحقيق لإثبات وقائع يجوز إثباتها بالبينة ، ليس حقا للخصوم تتحتم أجابتهم إليه
في كل حال . لمحكمة الموضوع أن ترفض الإجابة إليه متى رأت بما لها من سلطة التقدير
أن لا حاجة بها إليه.
( الطعن رقم 5681 سنة 61ق – جلسة ۱۹۹۳/۱/۱4 ، نقض جلسة ۹۶/۳/۲۳ س ۱۷
ص666) نقض جلسة ۱۹۹۷/۳/۸ س ۱۸ ص ۸۹د ، جلسة ۱۹۹۷/۰/۲۰ ص ۸ ص ۱۱۰۲ ، جلسة ۱۹۹۹/۱۲/۲۳
س ۲۰ ص ۱۲۹۹، جلسة ۱۹۷۰/۱۲/۱۰ ص ۲۱ ص ۱۲۲۷)
عدم
التزام محكمة الموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ما يجوز إثباته بشهادة
الشهود. شرطه. أن تبين في حكمها ما يسوغ رفضه.
( الطعن رقم 116 لسنة 58 ق – جلسة ۱۹۹۳/۰/4 ، الطعن رقم ۲۰۱۲ لسنة ۵۲ ق
– جلسة ۱۹۸۹/۱/۲۹ ، الطعن رقم ۲۰۰۳ لسنة 53ق - جلسة ۱۹۸۹/4/6 ، الطعن رقم ۲۲۰۹
لسنة ۵۲ ق - جلسة ۱۹۸۷/۱/۲۱ )
إحالة
الدعوى للتحقيق . ليس حقا للخصوم . عدم التزام محكمة الموضوع باتخاذ إجراء من
إجراءات الإثبات .
الطعن رقم 3647 لسنة 58 ق –
جلسة ۱۹۹۳/۹/۱۰ ، الطعن رقم ۵۱۸ السنة 53 ق – جلسة ۱۹۸۷/4/15 ، نقض جلسة ۱۹۸۱/4/۲۰
س ۳۲ ص ۱۱۸۸ ، نقض جلسة 84/۲/۲۱ س ۳۰ ص ۵۱۹ ، نقض جلسة ۱۹۷۹/۱۰/۲۹ سنة ۳۰ ۳۶ ص ۱۰
، نقض جلسة ۱۹۸۰/۱/۲۹ س ۳۱ ص ۳۸۹
الدفاع
الجوهري . حق الخصم في طلب إثباته أو نفيه بإحدى وسائل الإثبات الجائزة قانونا.
التزام محكمة الموضوع بإجابته إليه. شرطه . عدم كفاية أوراق الدعوى الأدلة
المطروحة فيها لتكوين عقيدة المحكمة، وأن تكون وسيلة الإثبات المطلوبة منتجة في
النزاع . رفض طلب الإحالة للتحقيق لإثبات أو نفي توقيع المورث على عقد البيع
المطعون عليه بالتزوير لعدم تقديم أوراق مضاهاة . قصور وإخلال بحق الدفاع ( مثال )
( الطعن رقم ۸۲۲ لسنة 59 ق –
جلسة ۱۹۹۳/۲/5 ، نقض جلسة ۱۹۸۷/۱/۲۱ س ۳۸ ص ۹۲، نقض جلسة ۱۹۸4/4/۲۹ س 35 ص ۱۱۰۳،
نقض جلسة ۱۹۸٤/۳/۲۲ س ۳۰ ص ۷۸۹ ، نقض ۱۹۸۳/۳/۸ س 34 ص 65۲ ، نقض جلسة ۱۹۸۰/۳/۲5 س
۳۱ ص ۸۷۱) طلب الخصم تمكينه من إثبات أو نفي دفاع جوهري بوسيلة من وسائل الإثبات
الجائزة قانونا.
التزام
محكمة الموضوع بإجابته . شرطه. أن يكون منتجا في النزاع وليس في أوراق الدعوى
والأدلة المطروحة عليها ما يكفي التكوين عقيدتها .
نقض ۱۹۹۵/۱۲/۳ الطعن رقم ۲۳۹۱ لسنة 59 قضائية
مخزن تحميل مدونة حضرة المحامى